الرئيس
في الماضي.. أقصد قبل
ثورة 28 يناير 2011.. كنت أجاهر بآرائي السياسية بشكل علني..
صحيح أن ذلك كعادتي
يتم بطريقة ناعمة و هادئة..
وسط تحفظات كثيرة و
قيود متنوعة مهنية و دينية و غيرها..
وسط عقليات لا تجيد أبجديات
النقاش و واقعية تباين الآراء البشرية و ذوبان الثوابت..
و هنا.. نتساءل عن من
هو الرئيس القادم..
دعنا ننظر للأمر من
زاوية فوقية..
نظرة شمولية عامة..
ثم ندخل إلى العمق..
ثورة يناير أسقطت
الرئيس الإله إلى الأبد..
لن يستطع حاكم مصري
أن يتقمص دور فرعون..
صحيح أن المصريين المسنين و الكهول يعشقون فرعونهم و يتطلعون إلى الإله
قاطن القصر الرئاسي..
إلا أن الشباب و الأجيال
الجديدة التي نشأت على العولمة و الميديا و الشبكات الاجتماعية لم يكفر بالرئيس الإله
لأنه لم يؤمن به..
هذه المقدمة المملة و
البديهية مهمة..
لأنها غيرت تماماً من
قواعد اللعبة السياسية المصرية و وزعت السلطة بالفعل توزيعاً مغايراً و جذرياً..
السلطة لم تعد في يد
الرئيس..
و السيادة صارت للشعب
أو على الأقل من لهم الغلبة السياسية..
هذا أولاً من النظرة
الفوقانية..
و ثانيا: دعنا نتحدث
عن الإسلام السياسي..
لا داع للغضب.. استمع
فقط إلى ما أقول..
لماذا لم تنقسم مصر
بعد انهيار السلطة السياسية المركزية..
ذلك لوجود ثلاث قوى
تتمتع بهيمنة على كافة ربوع مصر و هذه القوى منعت كل الأفكار و المحاولات إلى
تقسيم مصر..
نعترف أن القوات
المسلحة المنتشرة في ربوع مصر منعت لمجرد وجودها من تقسيم مصر و لو معنوياً..
و بكل جدية.. فان
مشجعي النادي الأهلي القاهري سواء المشجع التقليدي و كذلك المشجع الالتراس الموجود
عبر كل أرجاء الوطن هو أيضاً منع مصر من التمزيق..
و ربما ننتظر رسالة
ماجيستير من أحد طلاب علم الاجتماع تناقش تأثير استشهاد مشجعي الأهلي في ستاد بور
سعيد على استمرار تماسك التراب الوطني المصري..
و أهمس في أذنك بأن
القوة الثالثة التي منعت تمزيق مصر هي قوة جماعة الإخوان المسلمين..
ليست القوى السلفية و
لا تيار الإسلام السياسي بشكل عام..
و لكن وجود الإخوان
المسلمين ساهم و بشكل فاعل في استمرار وحدة التراب المصري..
لا يا عزيزي.. لم
أخرج عن الموضوع.. أتحدث عن الرئيس القادم و لكن من زاوية فوقية..
هل تتذكر الأستاذ
محمود سالم؟!..
الواقع السياسي
المصري يسمح بصعود قوى الإسلام السياسي..
هي القوى الأكثر
تنظيماً و تأثيراً و جذباً..
لم تدخل إلى الواقع
السياسي ليتم اختبارها بجدية..
و المصريون سيعطونها
الفرصة الزمنية الكافية و الأكثر من الكافية لتقييم الأداء التنفيذي لهذه القوى..
يمكن تصنيف الرئيس
القادم أنه سيكون واحد من اثنين..
مع مراعاة أن الرئيس
لن يستطيع أن يصبغ المصريين بصبغته السياسية لأن زمن الرئيس المعبود انتهى و بغير
رجعة..
من ننتخب.. هل ننتخب
الرئيس الليبرالي أم الإسلامي..
هل تسعى إلى نظام
دولة برلماني يكون فيه السلطة بيد البرلمان و رئيس الحكومة..
أم تسعى إلى نظام
دولة رئاسي تتركز فيه السلطة بيد الرئيس..
الواقع المصري لن
يسمح بالاختيار الثاني..
الواقع المصري
سيتأرجح و لفترة طويلة بين النظامين..
في حالة انتخاب رئيس
ليبرالي فأنت يا أخي تسعى و عن دون قصد إلى إعلان وفاة منصب الرئيس و إعلاء النظام
البرلماني..
الرئيس غير الاسلامي سيحيا في صدام مُريع.. مستمر.. مُشِل.. مع القوى السياسية الحقيقية و الواقعية في الدولة المصرية..
سيحصون أنفاسه و يقاومون كوب مائه..
و معه ستذوب مؤسسة
الرئاسة تماماً المُحَطَّمة فعلياً..
ذوبان مؤسسة الرئاسة
هو إهدار لقوة قد تكون مصيرية في ظروف ما..
و إكثار المؤسسات
الفاعلة يعطي حيوية و ديناميكة في الدولة المحترمة..
و في حالة انتخاب الرئيس الإسلامي فأنت يا أخي تسعى إلى وجود كيان للرئيس يسعى هو من خلاله إلى إعطاء مؤسسة الرئاسة قدراً من الاستقلالية التي تمكنه من نثر بعض الملح الليبرالي هنا و هناك دون تربص و لا ترصد القوى الإسلامية التي لا ترحب بذلك و ستمنع كل شئ بقوة الأغلبية البرلمانية و تأييد المصريين..
الرئيس الإسلامي
سيجعل الأمور أكثر هدوءاً..
سيسعى إلى وجود فاعل
لمؤسسة الرئاسة التي تدمرت على يد النظام المطاح به..
ربما أنت أيقنت
الهوية التي أدعو إليها للرئيس القادم..
بل إن سعيي إلى إحياء
مؤسسة الرئاسة يجعلني أتساءل عن الرئيس الإسلامي الذي يحتفظ بهامش واضح يمكنه من
المناورة و القتال ضد تذويب مؤسسة الرئاسة..
نحن.. عفواً.. أنا لا
أحب الرئيس التابع للقوى السياسية القائمة حتى لو كان منها..
أود أن يكون الرئيس من أصحاب الندية السياسية..
تخيل شخصاً تمرد على
مرجعياته و انشق عنها و سبح ضد التيار..
هو شخص شجاع و يتمتع
باستقلالية..
تخيل طالب جامعي في
السبعينيات يتجرأ ضد رئيس السبعينيات و يجادله..
إلا أن المرشح الرئاسي ذا
المرجعية الإسلامية الواقعية و المناسبة لهذا العصر و المنشق عن الجماعة السياسية
التي لم يكن فيها مجرد عضو و المتمتع بقدر من الاستقلالية الشخصية التي أرجو أن تمكنه
من إعادة تكوين مؤسسة الرئاسة المصرية..
بالإضافة الى انفراده المُعلَن بصبغة ليبرالية مرنة يحتاج إليها الجميع حتى الإسلاميين أنفسهم.. هو المرشح الرئاسي الأكثر ملاءمة للظروف الراهنة..
يظل هذا الرجل هو
اختياري الشخصى إلا إذا حدث زلزال سياسي يجعلني أعيد التقييم..