Friday, December 23, 2016

سر داليدا


جاءتني صاخبة جامحة دون رتوش أو اصطناع، كأنها سِربٌ من خيول برية لم يستطع أحدٌ ترويضَها..
سألتني في سخرية:
"هل تتوقع أن تنجح مبادرتُك المضحكة؟!.."
قلتُ لها في هدوء ، مشفقاً عليها:
"سأجيبَكِ إن أجبتِ سؤالي أولاً.."
صاحت في غضبٍ هادرٍ كأنها جيوشٌ متصارعة:
" بلاش طريقة السيد المسيح دي!!.."
تجاهلتُ ملاحظتَها و رثيتُ لحالها و سألتُها في هدوء:
" ثورة عرابي، هل فشلتْ أم نجحتْ؟!.."
لانَت ملامحها الجذابة فجأة، و أجابتني في هدوءٍ ناعم كأنها أفعى تتسلل إلى خصمها النائم:
" هوجة عرابي فشلت فشلاً ذريعاً أيها الجاهل، حاول أن تتعلم القراءة أيها المتحذلق، و إن نجحتَ في أن تتعلم القراءة، حاول بعد ذلك أن تلتحق بمدرسة ابتدائية أيها الكهل، و إن وجدتَ مدرسةً ابتدائية تقبلك في صفوفها، ابدأ في قراءة كتاب مادة التاريخ لتعرف الحقائق أيها الأحمق.."
أطرقتُ برأسي أرضاً..
كنتُ قد اعتدتُ على إهاناتها المتكررة لي منذ زمن طويل..
كانت تدرك تماماً بماذا سأجيبها..
كانت تعرف بالضبط ماذا سأخبرها..
و لكنها ظلت واقفة أمامي، ترفع رأسها في كبرياء زائف ممزوج بتحدٍ و عناد..
ظللتُ مطاطئ بوجهي أرضاً و بدأت أخاطبها في حذر و حرص لأتجنب عصبيتها قدر الإمكان، فقلتُ:
" ثورة احمد عرابي –  سبتمبر 1882 – نجحَتْ تماماً في يوليو 1952 ، و امتد نجاحُها باتفاقية الجلاء يوليو 1956، مروراً بإعلان الجُمهـ.."
بترتُ عبارتي فجأة على صرختها المريرة..
و انصرفَتْ أمامي بخطوات رعدية و هي تتمتم بكلمات لم أسمعها..
و تهذي بلُغَات لا أعرفها..
لستُ اعلم إن كنتُ ما زلتُ أحبها أم لا..
و لكني متأكد إنني حزين عليها..
بالرغم من أن حقيقتها قد انكشفت أمامي حين صُدِمتُ فيها يوم جمعة الغضب يناير 2011..
و تَفَهَّمتُ سرَّ المغنية داليدا التي غنَّت عنها بانتماء و شغف، دون حتى أن تنطق و لو لمرة واحدة..
اسمها..

Thursday, December 22, 2016

الدار الداعرة


للتربية محوران..
أولهما تأهيلهم إلى الرسالة المنوطين بها في الأرض..
و ثانيهما تأهيلهم إلى الحياة الأبدية في العالم الآخر..
و لا يليق الجدال حول أن المحور الأول قد يذوب في الثاني في حالات الموت المفاجئ..
فتكون الرسالة هي الموت المبكر و ما يعنيه من أهداف..
ذلك ببساطة و بوضوح أن هذا الحدث الاستثنائي لا ينفي أن للتربية محورين و ليس واحد فقط..
و كما أننا لا نتوجه باللوم للأعظم بولس الرسول و خاصة و انه قد رُحِمَ لأنه فعل ما فعل عن جهل..
كذلك لا نتوجه باللوم إلى بسطاء الأمخاخ الذين يغسلون أمخاخ بسطاء آخرين مستخدمين غُسْلَ أمخاخهم المغسولة أولاً..
و ذلك أيضاً لأنهم يفعلون ذلك عن جهل مُبِين..
و لأن الشئ الثاني بالشئ الأول يُذكَر..
أو لأن الشئ الأول بالشئ الثاني يُذَكِّر..
نتساءل عن تحويل "اسم" الجاني في تفجير البطرسية إلى المحاكمة و مموليه و معلميه و داعميه و مخططيه..
و كذلك نتساءل إن كان الإدعاء سيتقدم طالباً الحق المدني تجاه ما تم اقترافه بحق المجتمع ضد ( شهداء – ضحايا – قتلى )  _ سَمِّهِم ما شئت_ تفجير البطرسية..
أم انه حتى الحق المدني سيتم التغاضي عنه؟!.
و المصطلح العبقري "الدار الداعرة" أطلقه الباحث السيد يوسف زيدان إبان جريمة الإعلان عن سَعْوَدة الجزيرتين المصريتين تيران و صنافير..
و نشكر الله أننا يوماً ما سننتقل من هذه الدار الداعرة الى دار القضاء..
الأعلى.. 

Tuesday, December 20, 2016

مئوية السادات


مثال توضيحي للفارق اللغوي بين إذا و إذن..
الصورة المرفقة غير حقيقية – تم تركيب ما يختص بالرئيس السادات على لقطتين سينمائيتين لأحد الممثلين المصريين..
التساؤل الاستنكاري لم يسأله الرئيس السادات صاحب الأفعال الخالدة في التاريخ الإنساني، و الذي يحتفل فاهموه بذكرى ميلاده 25 ديسمبر 1918، طالبين له رحمة من الله و مغفرة إزاء كسر ذاته لصالح مصر و المصريين، آملين في مئوية ( ديسمبر 2017 – ديسمبر 2018 ) تليق بمقامه الاستثنائي و مكانته الرفيعة..
و بالتوفيق لدارسي و محبي اللغة العربية..

Tuesday, December 13, 2016

بلفور - 2017



بهدوء و بواقعية..
من الواضح لكل ذي عينين أن الحياة بائسة في مصر..
كذلك من الواضح أن الحياة بين المسلمين و المسيحيين لم تعد ممكنة و لا مقبولة..
الأسباب كثيرة و متعددة.. إلا أنها ازدادت حدة مع الانقسام السياسي و الاحتقان الاجتماعي..
من الواضح استحالة إقامة دولة علمانية في مصر..
لذلك أبادر إلى الدعوة لإقامة وطن قومي للأقباط..
بشكل متريث و هادئ و فعال..
بل أن الوطن القومي للأقباط سيؤدي إلى وقاية الدولة التقليدية الحالية لمصر من ويلات كثيرة تنتظرها مع استمرار الأساليب الحالية لإدارة الدولة..
و بصراحة..
لا يمكن لمتحضر قبول تغذية الوجدان القبطي على أن الإنسان جُعِلَ لأجل الوطن لا الوطن لأجل الإنسان..
و لا يمكن قبول تركيع الوجدان القبطي تحت ثقافة قبول الموت البشع لمجرد انه قبطي..
و لا يمكن غسل مخ شباب الأقباط بأفكار تدفعهم إلى الحياة تحت مقصلة الموت في كل لحظة..
شئ مهين و لا يقبله أي عقل يتفكر في أبجديات الحياة..
إذ أنني متيقن أن ابن الله لم يخلق الأقباط لكي يموتوا في سبيل الإيمان به..
لأن فادينا دعانا لكي ما تكون لنا حياة و ليكون لنا افضل..
لا يمكن قبول أن الوطن أغلى و أسمى من حياة القبطي..
لأن الحقيقة التي يدركها المتحضر انه لا شئ يفوق الحياة الإنسانية و الكرامة الإنسانية..
الخلط بين فقه الاستشهاد و عبثية المشهد السياسي هو خلط غير مقبول..
ربما ينبغي التريث في تكوين منتخب كرة قدم لدولة الأقباط..
حتى نتجنب حساسية أن تقوم القرعة غير الهيكلية بجمع منتخب مصر و منتخب كيمي في مجموعة واحدة بتصفيات كأس الأمم الأفريقية..
يصعب لسنوات قبول أن مباراة الذهاب في ستاد القاهرة و الإياب في ستاد أسيوط..
و الثابت أن الهروب من العبث هو شئ مشروع..
إذ أن فكرة الانبا بولا عن سلبية الهروب من الضيق تتناقض مع هروب مخلصنا من هيرودس..
و هروب المسيحيين الأوائل بعد قتل السيد استفانوس..
الهروب حركة ايجابية..
مخلصنا هرب من هيرودس و ثبت أمام بيلاطس..
لذلك نعتبر أن الهروب ليس هدفاً و لا الثبات..
الهدف هو إتمام الرسالة..
إذا كان إتمام رسالتك في الحياة يتطلب هرباً.. هيا اهرب..
و إذا كان إتمامها يتطلب ثباتاً.. إذن قف و اثبت..
الأنبا انطونيوس طلب الشهادة وقتما كانت الشهادة خالصة واضحة بلا عبث.. و لم ينلها..
في زمننا.. لرأينا تعرية الرجل المسن في بلدته قمن العروس نتيجة إشاعة و كذب..
عندي الكثير أود قوله و لكني أتحفظ حتى لا اخرج عن الإطار..
لذلك من الضروري البدء في تنظيم فكرة وجود وطن قومي للأقباط..
و تغذية الوعي القبطي بالمقولة الخالدة:
احنا لينا ايه هنا؟!

Thursday, December 8, 2016

تسبحة عشية كيهك


منذ ربع قرن من الزمان قام أستاذنا الجليل دياكون عادل عبد الملاك بتسليم تسبحة عشية كيهك لخورس القديس استفانوس للشمامسة بكاتدرائية الشهيد العظيم مار جرجس بالزقازيق..
بدأت عمليات التسليم تحديداً في سبتمبر 1991 بمعدل ساعة و نصف أسبوعياً..
و البداية مع تنظيم اقتناء الابصلمودية الكيهكي لكل شماس..
و تسليم الرومي و المعقب و اري تين ثونتي و الشيرات الكيهكي..
كانت نقلة نوعية و طفرة هائلة في حياة الخورس..
و بدأنا في التلذذ من الساعة الثالثة عصراً إلى السادسة مساءاً كل سبت بتسبحة عشية كيهك..
أتذكر اني وقتها حفظتُ الشيرات الكيهكي عن ظهر قلب دون الاحتياج لمراجعة الكلمات كما هو حالي الآن..
و قادتنا الشيرات الكيهكي الى أخواتها الصيامي و الشعانيني و الفرايحي..
أتذكر هذه الأيام بالغبطة و الفخر و بهجة قلب..
كذلك اعتز بشمامسة كاتدرائية السيدة العذراء و مار يوحنا إذ قاموا بأداء ذات الواجب بمفردهم بدءاً من مساء السبت الثامن من ديسمبر 2001..
بعدها بعشرة أعوام..
اشكر الله كثيراً على النشأة في هذا المحيط المقدس..
و السياج الحصين..