Wednesday, March 15, 2017

الواقعة 1 - تعليمات نسرينا

واقِعَات

هل الواقعة واقعية، أم لا؟

الواقعة 1


تعليمات نسرينا


"العنوان هو : منعطف شرق برودواي-نورتون شورت – ميتشجان – رمز بريدي 49444 و رقم المنزل هو .... انطلق"
تحرك مايكل و هو يطلق سيرين سيارته مُشعلاً الأضواء الزرقاء و الحمراء و مضي في طريقه ليؤدي واجبه في نجدة الأشخاص.. ذهب إلى المنزل و وجد سيارة الإسعاف تستعد للرحيل من مسرح الجريمة مما يعني انه لا توجد إصابات.. و جاء إليه الإطفائي و خاطبه بهدوء:
"إنهما هادئان.. طفلهما صوته مزعج للغاية.. حاول أن تنهي تقريرك بسرعة و تقبض على المجرم!.."
قال مايكل في صَلف من لم يعتد على اخذ تعليمات من إطفائي:
" قم بتحريك سيارتك السمينة بسرعة!.."
قال الإطفائي و هو يخاطب زميله الجالس في سيارة الإطفاء:
"ضابط آخر مغرور!!.."
ثم أردف و هو يصعد لسيارته:
"سأشعل النيران بنفسي يوماً ما في منزلك أيها الجِلف!.."
ضحك زميله و تحركت سيارة الإطفاء مبتعدة و ترجَّل مايكل بهدوء إلى المنزل.. نظر مايكل إلى ردهة المنزل.. كان كل شئ في موضعه و البيت مرتب و لا توجد آثار عنف.. كان الطفل الصغير يبكي إلا انه لسبب ما هدأ فجأة مع دخول مايكل.. إذ قارن الطفل بين مايكل و بين الرجل الحديدي!!..
قالت والدة الطفل: "هو يحبك.."
أجاب مايكل في صرامة متجاهلاً عبارتها:
"هل تريدين تقريراً بوليسياً يا سيدتي؟!"
أجاب الزوج الجالس مقابل زوجته:
"أنا لا أريد تقريراً.. هي من ستفعل ذلك.."
تطلع إليه مايكل في جمود ثم سأل الزوجة:
"ماذا حدث يا سيدتي؟!"
قالت الزوجة بصوت مختنق و دموع مكتومة:
" زوجي حاول أن يقيم علاقة زوجية معي، لم أكن مستعدة نفسياً، اعتدنا على أن أكون عارفة مسبقاً لتدبير الأمر معاً او اقترح انا عليه قبلاً!،كما أنني غاضبة منه لأنه لم يمسك يدي أمام الجيران في حفل عيد الشكر كما يفعل دائماً و هو لم يعتذر عن ذلك حتى الآن، و حينما رفضتُ محاولتَه، قام بتقبيل رأسي عنوة! فصرختُ و اتصلتُ بالنجدة لاحمي نفسي من اغتصابي!"
حاول مايكل أن يتفهم الموضوع و سأل الزوج الذي كان يرتدي بذلة كاملة:
"هل أنت ثمل يا سيدي؟!"
أجاب الزوج في هدوء:
"شربتُ قليلاً من بيرة سميرنوف و لكني لستُ ثملاً كما ترى!"
قال مايكل مخاطباً الزوجة في دهشة:
" هل هذا هو كل ما حدث يا سيدتي؟! تقبيل رأسك عنوة؟!"
قال الزوج و هو يتأمل ملامح مايكل الشرق أوسطية:
" هل وُلِدتَ هنا أيها الاوفيسير؟!"
قال مايكل في برود:
"مولود في مصر يا سيدي!"
قال الزوج متفهماً:
"حسناً، كنتُ قد عملتُ فترة في أبي دِيِر بالإمارات!"
قال مايكل:
"تقصد أبا ظبي يا سيدي"
قالت الزوجة:
"هل أنت مسلم أم سوبتيك؟!"
كان قد اعتد على هذه التساؤلات السخيفة بالرغم من وضوح اسمه و قال في نفاذ صبر:
"كوبتيك يا سيدتي و ليس سوبتيك!"
هزت الزوجة رأسها نفياً مستنكرة أن يأتي هذا الشرق أوسطي لنجدتها و قال مايكل:
"أرجو أن تمكثا هادئيْن ريثما أقوم بإجراء بعض الاتصالات!"
هز الزوج رأسه متفهماً و التقطت أذنا مايكل المدربتان همسة الزوجة لزوجها:
"كيف يتم تعيين مثل هؤلاء المهاجرين في هذه الوظيفة الحساسة؟!"
همس الزوج لزوجته:
"لن اندهش أن يكون القاضي من كوبا أو الهند!"
قالت الزوجة:
"أرجو أن يكون ممثل الادعاء من الصين!.. أنا عاشقة للبوفيه الصيني كما تعلم خصوصاً السوشــــــــــ!"
لم يستطع مايكل الاستماع لباقي الهمسات و هو يذهب نحو الباب و يتصاعد بكاء الطفل لذهاب بطله الرجل الحديدي و أطلق مايكل زر الاتصال بالاوبيراتور الساهر في مركز البوليس الذي يتبعه و جاءه الصوت المألوف قائلاً:
"هلا كريم! ايش الأحوال عندك؟!"
قال مايكل:
"هاي نسرينا!.. فيه حاجة مش فاهمها هنا"
قالت نسرينا بسرعة:
"تقبرني يا عُمري! احكي كريم"
 و بدأ يسرد لها ما حدث و هو يتذكر طريقة نطق نسرينا لاسمه المصري التي كانت مثل طريقة نطق احمد رمزي لاسم فاتن حمامة، قبل أن يتجنس بجنسية الدولة التي يعمل و يحيا فيها و يقوم بتغيير اسمه رسمياً..
قالت نسرينا بسرعة:
"أنا عندي بلاغات بالزوفا كريم و أنت عم بتتصل منشان ها الحِكي؟!.. اكتب في التقرير ع الموضوع عندك، عنف منزلي و اغتصاب الزوج لزوجته أو اغتصاب الزوجة لزوجها، أشوفك السبت في ستار بكس كريم، سي يو!"
أنهت الاتصال و هو يتساءل في دهشة:
"اغتصاب الزوجة لمين؟!"
ثم خاطب قلبه قائلا:
" إيه الكلام ده؟!"
و ترجَّل عائداً للمنزل بخطوات متثاقلة و هو يتذكر وصية العروس في الإكليل و تحذيرها من الامتناع عن "حقوق" زوجها عليها و عظة الأحد منذ سنوات طويلة في صباه و التي وصف فيها الأب الكاهن الشاب وقتها أن امتناع الزوجة عن إعطاء "حقوق" زوجها يكون بمثابة خطية "كبيرة"..
تحرك مايكل تجاه الزوجة و هو يعطيها التقرير حتى تُوقَّعه أو تسجل ملاحظتها و توجه ناحية الزوج و تلا مايكل عليه لائحة ميريندا و هو يضع الأصفاد الحديدية حول معصميه بتهمة الشروع في اغتصاب زوجته و قالت الزوجة لمايكل و هي تعطيه التقرير:
" رجاءاً، ترفق به!"
لم يُجب مايكل و اصطحب الزوج ليعاونه على الجلوس في المقعد الخلفي ممسكاً برأس الزوج حتى لا يرتطم بالسيارة و التفت مايكل تجاه العلم المتدلي من واجهة المنزل و خاطب العلم في قلبه:
"من حقك انك ترفرف كدة و نجومك تلمس السحاب بالشكل ده!"
ثم أردف مايكل في قلبه و هو يدلف إلى مقعد القيادة:
"كمان السحاب لازم ينزل بنفسه من السماء علشان  يسلّم على نجومك!"
ثم قال مايكل للزوج في روتينية:
"إنني اعلم أن المقعد الخلفي غير مريح سيدي، آسف لك!"
قال الزوج في هدوء:
"لا عليك!.. عندي سؤال لك!"
قال مايكل في احتراف حقيقي و بتعبيرات وجه بدت للزوج أن صاحبه نموذج واضح للشرطي:
"حسناً يا سيدي، تفضل!"
سأله الزوج و هو يميل للأمام: 
"هل هذه الواقعة واقعية، أم لا؟!"
و انطلقت السيارة وسط صوت ضحكاتهما.