Friday, April 26, 2019

Periodic Table

Thank you!


الجمعة العصيبة


و لنشكر صانع الخيرات و نطلب دوماً ملكوته و بره..
و أيضاً فلنسال الله الأب ضابط الكل أن يهبنا محبته و يجدد في أحشائنا روحه القدوس المنبثق منه..
و نسأل الروح القدس الملك السمائي المعزي أن  يحل فينا و ينقي نياتنا و يطهرنا..
و نسال ابن الله الكلمة نعمة و رحمة..
نقف أمامك يا ابن الله مقدمين السادة موسى و عزرا و نحميا و بطرس خاتم الشهداء علَّنا نجد رحمة أمامك من جهة أحكامك..
يا سيدنا.. يا ابن الله.. نحن نسألك من جهة أحكامك..
أنحن تحت التأديب؟!..
نحن نقبل التأديب أيها السيد..
نحن بنون و لسنا نغول.. أدِّبنا كما تشاء..
و لكن نتساءل بلطف من جهة تأديباتك..
لماذا تستعين بالغرباء أيها السيد؟
إن كان هناك أمر ما بينك و بيننا.. فلنعالجه سوياً دون غرباء أيها السيد..
الست أنت أبانا و نحن أطفالك.. أتستعين بعصا الغرباء علينا؟
أليس في قومي موسى ينبهك إلى اعتمادك على الأمم الغريبة في تأديب قومه هو عدم لياقة؟!..
أليس في قومي داودٌ يذكرك بأن الوقوع في يدك أكرم من الوقوع في يد الغريب؟!..
هل يليق بك أيها السيد أن ترفع الغرباء علينا في تأديبك إيانا؟!..
أتغار على بيتك من العملات المعدنية و لا تغار عليه من قدمي الغريب؟!..
أتغار على بيتك من صوت ضجيج الباعة و لا تغار عليه من صوت الرصاص و التفجير؟!..
أين سوطك أيها السيد؟!..
آية غيرة هذه؟!..
ألم تعلم أيها السيد أن عورات قومي صارت مكشوفة؟!..
عوراتنا أيها السيد غير مستورة..
ألم يبلغك احد ملائكتك بما يحدث؟!.
ألعل أجنحتهم قد سمنت و ثقلت من العيش الرغد؟!..
حسناً.. أنت تعلم بما يحدث.. فلماذا سمحت بهذا أيها السيد؟!..
نحن لا نسعى لنقمتك من هذا الأمر إذ أننا لا نعلم ما هي النقمة الكافية..
نتساءل في حسرة.. ماذا تفعل في سمائك؟!..
بماذا و بمن أنت منشغل؟!..
بماذا تبالي و لمن تأبه؟!..
بقومك؟!..
قومك أيها السيد هم صفوة الأمم..
هم السادة.. النخبة..
هم في نعيم مقيم.. و في خير عميم..
وجوههم تشع نوراً و بهاءاً يفوق نور و بهاء الوجه المتبرقع الذي للسيد موسى..
و ماذا عن قومي أيها السيد؟!..
أنسيت ودامون؟!..
الرجل الطيب، السيد ودامون الذي أحبك و أخلص لك..
ألا يَعد دمه يصرخ إليك؟!..
أين ملائكتك أيها السيد؟!..
أين ملاك سنحاريب؟!!.. ألعله تقاعد و اكتفى بمعاش التقاعد؟!..
أين الملاك المهلك الذي أحزن أجدادي في منتصف ليلة الجمعة العصيبة؟!..
ثم السبت الطويل الثقيل مصطحباً معه الضربة الحادية عشر..
ألا يتشفع فينا حتى اللفيف الذي سار مع قومك؟!!
ألا تتلذذ ملائكتك إلا بدماء قومي و دموعهم؟!..
إذ لا صحبة لقومي و لا أحبة إلا دموع قلوبهم المنكسرة و المتواضعة التي رذلتها أيها السيد و أبغضتها بلا سبب..
أين السيد غبريال؟!..
الذي تجاسر و اندفع ضد السيد زكريا..
و كاد ان يفتك بهيرودس لولا انك منعته..
بل و ألزمته بأن يرعى هروبك إلينا فجاء و هو يتعجب غضباً..
أين أنت أيها السيد؟!..
كيف أُجدد اقراري ليلة ميلادك بأن ايسوس بي اخرستوس انساف نيم فؤو، انثوف انثوف بي نيم شا اينيه..
كيف انثوف انثوف؟!.. و ما هو الدليل؟!..
هو فيه ايه؟!..
حسناً..
أنت صعدت إلى الصليب عريانا و عورتك مستورة..
أما نحن فعوراتنا مكشوفة..
لماذا لا تنبت لنا شعراً مثلما فعلت مع السيد برسوم الذي تعرى بإرادته؟!..
وجود الشعر يستر بشكل أفضل..
أو لماذا لا تُمِدَّ في عمودنا الفقري ليظهر لنا ذيل لطيف؟..
هل تروق لك طلباتي أيها السيد؟!..
أنت صيَّرتنا هُزءاً و عاراً وسط الغرباء..
الستَ أنت الكاهن الأول و الذابح الأول؟!..
ألا تتذكر كيف أخذت قمصان الجلد على يديك الطاهرتين اللتين بلا عيب و لا دنس، الطوباويتين المحييتين..
و سلمته للسيد آدم و زوجته السيدة حواء..
كانت أول مرة تتعرف عيونهم مذاق الدموع..
كانت دموع أمان و طمأنينة من لفتتك الرقيقة معهما..
بل أن بهجة قلب آدم بقميصه الجلدي فاقت كل سعادته السابقة بعدن..
ألا يمكنك أن تُطَيِّب قلوبنا مثلما طاب بالحصاد قلب جدك السيد المحترم بوعز؟!..
هل تتذكر السيدة الرقيقة الجميلة ذات المكانة المنفردة..
سيدة الغضب..
السيدة راحيل..
هل تتذكر غضبها الرقيق الوقور الصامت عند موت أبنائها و أبناء ضراتها؟!!
لم يجرؤ كائن من كان أن يجعلها تضع في فمها هذه الابتسامة اللزجة السخيفة ذات السلام الزائف..
لم يجرؤ كائن من كان أن يودع في ذهنها الذكي المتقد خواء عرائس المولد السموي و عرائس المسيح و الكلام الفارغ..
أما أذهان قومي فهي محشوة بخواء العرائس فتمتلئ خواءا على خواء..
لأنه لا يوجد فينا راحيل..
التي رأت و سعدت بما حدث للأدومي و أبنائه..
و مع ذلك حافظت على مساحة الغضب بينها و بينك..
فهي احد الأسباب الكثيرة التي جعلت من أبنائها و أبناء ضراتها الصفوة..
لا اعلم إن كان يمكن للسيدة راحيل أن تتغاضى عن الثلاثة عشر عاما سجنا لابنها البكر..
كانوا هكسوس و ليس قومي..
ربما تتقدم أمامك بجمالها و رقتها و غضبها الوقور و تخاطبك بصوتها الخافض الغاضب:
ليس للأقباط يا ابن الله ليس للأقباط، و لكن لاسمك القدوس اعطِ مجداً..
دعني أتساءل:
ألا تهتم حتى لمجد اسمك؟!..
الغرباء قد تكلموا بشفاههم و حركوا رؤوسهم قائلين:
أين هو إلهكم؟!..
بل من هو ملككم؟!.. المصلوب؟!..
حسنا أيها السيد.. ردنا الى استشهاد دقلديانوس و اريانوس الذي آمن بك..
الاستشهاد المنضبط القويم..
اجعل استشهادنا مثل شهداء ليبيا..
الاستشهاد الراقي الباهي..
الاستشهاد الذي نعتز به و نفتخر..
الاستشهاد الذي بتهيئة و تحت التحكم..
الاستشهاد الذي نرى يدك الضابطة تسيطر على المشهد..
و بلاش شُغل الرصاص و القنابل و الهستيريا دي..
الشياكة مطلوبة.. و حضرتك ابن ناس..
المرارة في قلوبنا أيها السيد..
و كعادتنا في سعينا و زحفنا اليك..
و حتى تسمعنا يوم ندعوك..
 نلجأ إليها و نتعلق فعلياً في طرف ردائها..
ملكتنا و سيدتنا مريم..
هي أملنا الأخير..
هي أملنا الوحيد..

Good Friday















Friday April 26, 1996