Monday, May 25, 2015

تطور زيت الميرون




كيف نعرف أن زيت الميرون تطور ولم يكن له وجود قبل القرن الثالث ؟
بقلم:


التطور التاريخي للطقس يمر عادة بمراحل ... 

1) مرحلة لم يكن فيها الطقس يمارس ، فنجد وثائق طقسية تشرح طقوس معينة ولا تذكر الطقس المعني بالدراسة ... وهذا دليل أولي ... حيث تجد أنه لم يذكر الزيت لحلول أي روح قدس قبل أو بعد المعمودية قبل القرن الثالث
فاختفى أي ذكر لطقس الميرون أو استعمال أي زيوت وقت المعمودية لحلول الروح القدس من كتابات ووثائق طقسية مثل الديداخي (100 م) الذي ذكر تفصيلا العشاء الرباني والمعمودية ، فهل كان الطقس غير ذات أهمية للخلاص حتى لا ُيذكر ؟؟؟

هذا خلاف أن النصوص الموحى بها في أسفار العهد الجديد وقفت صامتة عن مثل هذه الممارسة تماما ، فلا وجود لما يقال عنه في الكنائس الطقسية أي نوع من "تأسيس السر" ... بينما نجد أن الرب يسوع أسس ممارسة العشاء الرباني وأوصى بالمعمودية ... بينما لم يطلب أو يؤسس أي طقوس لاستعمال زيوت من أجل حلول الروح القدس بل قال : فكم بالحري الآب الذي من السماء يعطي الروح القدس للذين يسألونه». (لوقا 11: 13)

2) ثم قد نرى مرحلة وسيطة تبدا فيها ممارسة الطقس داخل جماعات صغيرة قد لا تمثل التيار الرئيسي .. مثل جماعات الهراطقة 

ومن الغريب أن أول ذكر لاستعمال اي زيوت مع المعمودية كان بالفعل للهراطقة 

حيث يرصد ايرناؤس ابو التقليد الكنسي (ت 202م) في أواخر القرن الثاني مظاهر لمعمودية الهراطقة يستعلمون فيها الزيت مع الماء ويبدو أنه يستغربها عليهم فيقول:

But there are some of them (heretics) who assert that it is superfluous to bring persons to the water, but mixing oil and water together, they place this mixture on the heads of those who are to be initiated, with the use of some such expressions as we have already mentioned. And this they maintain to be the redemption. They, too, are accustomed to anoint with balsam. Against Heresies (Book I, Chapter 21. 4)


وترجمتها: وهناك بعضهم (من الهراطقة) من يرون عدم لزوم احضار الاشخاص إلى الماء (للمعمودية) لكن خلط بعض الماء بالزيت ، ثم يضعون الخليط على رؤوس المعتمدين initiated . مع استعمال بعض التعبيرات التي ذكرناها قبلا . ويذكرون أنه من اجل الفداء . وبعضهم معتاد على أن يرشم ايضاُ بالبلسم .

ونلاحظ أنه لم يذكر عندها ايرناؤس أن هذه الممارسة شبيهة بما تفعله الكنائس الأخرى الرسولية ، أو أن الهراطقة يحاولون التشبه بالمعمودية الصحيحة مثلا ... 

3) ثم تاتي المرحلة الثالثة ، وفيها يظهر الطقس في وثائق طقسية ، ولكن دون أن يكون ملزما أو ضروريا ... 

وهذا ما نجده في المراسيم الرسولية (التي تعود إلى القرن الرابع) وتنسب إلى الرسل وفيها نجد الآتي :

But you shall beforehand anoint the person with the holy oil, and afterward baptize him with the water, and in the conclusion shall seal him with the ointment; that the anointing with oil may be the participation of the Holy Spirit, and the water the symbol of the death of Christ, and the ointment the seal of the covenants. But if there be neither oil nor ointment, water is sufficient both for the anointing, and for the seal, and for the confession of Him that is dead, or indeed is dying together with Christ . 
(Apostolic constitutions Book VII: XXII)


وترجمتها : ولكن ينبغي قبلها (قبل المعمودية) أن تمسح الشخص بالزيت المقدس وبعد المعمودية بالماء تختمه بالدهن (ointment) . لكي يكون المسح بالزيت شركة في الروح القدس ، والماء رمزا للموت مع المسيح والدهن ختم للعهود . ولكن إذا لم يكن هناك لا زيت ولا دهن . الماء يكفي للمسحة وللختم وللاعتراف بأنه يموت مع المسيح . 

وهنا نجد أن الطقس صار متاحا ولكنه غير ملزم ... فلا حاجة للزيت أو للدهن لو لم يكونا موجودين 

4) يلي هذا المرحلة الرابعة ، عندما يتطور الطقس ويصبح لا حلول للروح القدس بدون الزبت أو الدهن (بأيدي كاهن الطقس طبعا الذي يتحكم في الروح القدس بالزيت) ... 

5) ثم يتم إعادة اختراع مصدر الزيت وإرجاعه إلى اصول رسولية للتأكيد على أهميته ولزومه الخلاصي ، فيبدأ ظهور قصة عن مصدر الزيت المصنوع بواسطة التلاميذ من حنوط قبر المسيح ، على الرغم أنه الزيت في مراحله الاولية كان فقط يصنع بصلوات الأساقفة ولا علاقة له بحنوط المسيح ولا بالرسل 
حيث نجد في القوانين المنسوبة لهيبوليتس (المختلف على تاريخ كتاباتها بين القرنين الثالث والرابع) 

At the time determined for baptism, the bishop shall give thanks over some oil, which he puts in a vessel. It is called the Oil of Thanksgiving. He shall take some more oil and exorcise it. It is called the Oil of Exorcism. A deacon shall hold the Oil of Exorcism and stand on the left. Another deacon shall hold the Oil of Thanksgiving and stand on the right


وترجمتها : وعند الوقت المعين للمعمودية ، يصلي الاسقف صلاة شكر فوق بعض الزيت ، ويسميه زيت الشكر ، ثم يأتي بالمزيد من الزيت ويطهره (من الأرواح الشريرة) ويسيمه زيت التطهير . ثم يمسك الشماس بزيت الشكر ويقف على يمين (المعتمد) ....

فلا كان الزيت من حنوط المسيح ولا كان من صناعة الرسل 

والأن أصبح زيت الميرون طبيخا له مقادير وموصفات ويتصارع الطقسيون حول كيفيه طبخه ، يويعدون صناعة الأساطير حول أصوله الرسولية ، وكيف صنعه الرسل واستعملوه ، وكيف قام اثناسيوس الرسولي بطبخه من جديد بعد اضافة خميرة أو ذخيره الميرون الرسولي
وتحول روح الرب الذي يقدسنا بحياته ، والذي يملأنا بمواهبه إلى زيت مطبوخ في قنينة 
وهذا موضوع كتبت فيه سابقا :