Tuesday, May 17, 2016

ريجينيلكس




ريجينيلكس، لكشف أكاذيب نظام السيسي
ايسبريسو أسست منصة محمية لجمع شهادات حول التعذيب
و انتهاكات حقوق الإنسان لمطالبة العدالة لجوليو
و لأي ريجيني من مصر
موت جوليو ريجيني غير مقبول. للطريقة التي تم بها و غير مقبول للعنف المسلم به على يد الحكومة المصرية، غير مقبول للروايات الكاذبة و لمحاولات التضليل المخروقة. لاكن الآن، و قد رفع موت الباحث الإيطالي الستار عن الدكتاتور السيسي، قد يكون مختزل الاكتفاء بمطالبة كشف الحقيقة لجوليو و نسي الضحايا الأخرى لنظام القاهرة. ولو سلموا قتلة ريجيني، أمر حتى الآن غير محتمل، يكون الانتهاء و الرجوع إلى تظاهر عدم رؤية ما هو الآن تحت أعين العالم بأسره ظلم. مطالبة كشف الحقيقة لأي ريجيني من مصر يبدو الطريقة المدنية و الانسانية لتخليد روح الشاب الباحث الإيطالي. احترام حقوق الإنسان لا يفاوض، ولو في وجه بلد له مع إيطاليا علاقات اقتصادية و سياسية ظاهرة الأهمية الاستراتيجية. لهذا السبب، مجلة ايسبريسو أسست ريجينيلكس، منصة محمية لجمع شكاوى، إبلاغات، وثائق، صور، شهادات من عذب أو من هو على دراية باختراقات نظام  السيسي. المنصة تستعمل برنامج جلوباللكس و تستطيع حماية هوية المصادر و توفير أمانهم

أكاذيب و حقائق

على الرغم من الضغوطات من طرف الحكومة الايطالية و المجتمع الدولي، في قضية قتل ريجيني لم تظهر الحقيقة بعد. لاكن هناك العديد من الثوابت. جوليو كان باحث إيطالي من جامعة كامبريدج. ولد في مدينة ترييستي، شمال إيطاليا، و نشأ في فيوميشيلو التابعة لعمالة اوديني. سافر إلى مصر ليقوم ببحث يتعلق بالنقابات المستقلة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. لم يرتكب أي جريمة. ليس هذا فحسب، بل حتى الآن لم يتبين انه فعل شيء نحوا ما جدير بالنقد في أي بلد ديمقراطي. لاكن مع ذالك هذا لم يكفي في مصر السيسي. الثوابت الأخرى هي صفحة من الصحف الكثيرة المكتوبة بالدم بيد النظام المصري. يوم 25 يناير 2015، الذكرى الخامسة لمظاهرات ميدان التحرير، المكان الرمزي للربيع العربي، جوليو خرج من بيته للقاء بعض الأشخاص في ميدان التحرير. كانوا سيذهبون معا للإحتفال بعيد ميلاد صديقهم. جوليو لم يصل أبدا هناك. جثته وجدت يوم 3 فبراير، ملقاة في مصرف بجانب الطريق السيار القاهرة-الإسكندرية. لقد اختطف و عذب لمدة أيام من طرف محترفين، كما أظهر التشريح الطبي الذي أجري في إيطاليا

جريمة دولة

عندما تم العثور على جثة جوليو، أجهزة الأمن و مخابرات السيسي حاولوا بكل طريقة إخفاء ما كان ظاهرا من البداية بأنه جريمة دولة. واحدة من الكثيرة التي تتم يوميا ضد معارضي النظام و ضد المواطنين العاديين اللذين سلك بهم مصيرهم إلى تعرض طريق الأمن أو المخابرات. الروايات الرسمية تتابعت، غير مرجحة و خيالية، بدون أي دليل: حادثة سير، جريمة عاطفية، تصفية حسابات بين عناصر إجرامية، تجسس، مؤامرة لإفساد العلاقات بين إيطاليا و مصر. ولو واحدة بأدنى دليل. و عندما أدرك النظام أنه عليه تقديم كبش فداء، نصب أسوأ المشاهد

التضليل

يوم 24 مارس 2016 أعلنت الداخلية عن تصفية عصابة إجرامية تتكون من خمسة أشخاص في تبادل إطلاق النار مع قوات الشرطة. على حسب الوزارة، العصابة كانت متخصصة في انتحال صفة ضباط الشرطة واختطاف الأجانب و سرقتهم بالإكراه. الرواية الرسمية حملتهم مسؤولية قتل الباحث الإيطالي. و هذه المرة عرضت الأدلة. الشرطة المصرية أظهرت حقيبة يدوية حمراء اللون، عليها علامة اتحاد إيطاليا لكرة القدم، تزعم أنها عثرت عليها في منزل شقيقة أحد أفراد العصابة. بداخل المحفظة عدة أشياء، منها فعلا بعض متعلقات ريجيني: جواز السفر، بطاقات التعريف لجامعة كامبريدج و الجامعة الأمريكية بالقاهرة و فيزا كارت. بالنسبة للقاهرة قد تم إغلاق القضية. لاكن ما هي إلا محاولة تضليل غير منطقية. و بالتالي القضية جد بعيدة عن الإغلاق. بالأحرى، كانت هناك محاولة تضليل واضحة و ليس بإمكان الشرطة و أجهزة المخابرات تجاهل الأمر. لاكن أيضا في هذه الحالة قد تم إخفاء كل شيء و لم يفتح أي تحقيق للكشف عن المسؤول عن عملية التضليل. لا تجد عدالة في القاهرة. بل هناك عدالة: هي تلك التي تناسب الرئيس فقط

كل هذه المحاولات الساخفة لإخفاء الحقيقة و حماية من قتل ريجيني لا تزيد إلا في اقتناع الرأي العام العالمي بأنها جريمة دولة؛ و أن السيسي و أجهزة النظام على دراية كاملة بمن هم المسؤولين عن التعذيب و القتل و هم يتقاسمون معهم تلك المسؤولية. هي أيضا الحقيقة التي رواها العقيد عمر عفيفي في حوار له مع مجلة ايسبريسو. لم يتردد عن إشارة من هم المسؤولين: "مدير مكتب السيسي، عباس كامل، اللواء محمد فرج الشحات، مدير المخابرات الحربية. و بالطبع وزير الداخلية مجدي عبد الغفار و الرئيس السيسي كانوا مطلعين على الأمر من البداية. لأنه لا يمكن استنطاق مواطن اجنبي بدون إخبار الداخلية". العقيد منفي في أمريكا منذ سنة 2008
ماذا يقول جسم جوليو

الثوابت الأخرى عن ماذا حصل بين 25 يناير، يوم الإختطاف، و 3 فبراير، عندما عثر على الجثة، تأتي من التشريح الطبي الذي أجري بعد استرجاع الجثمان إلى إيطاليا. و على ذلك الجسم رأت أم جوليو "كل شر العالم". التشريح الطبي، الذي أجري في روما تحت إشراف البروفيسور فيتوريو فينيسكي، أثبت بأن جوليو قد عذب "بطريقة إحترافية" لمدة خمس أو ستة أيام. قد تم قطع أذنيه. و كانت آثار كسر و حرق في جميع أنحاء الجسم. الفحص أظهر أيضا أن كل الضربات التي تعرض لها لم تكن مميتة إلا التواء العنيف في فقرات العنق الذي أنهى حياته و عذابه. و هذه أيضا تعتبر عملية إحترافية

قد كتب على جسم ريجيني اتهام واضح و غير قابل للجدل و لا يمكن حذفه بأي تضليل أو أكاذيب أو حقيقة مريحة. لاكن المحاولات المتتابعة للتستر على القضية أظهرت حقيقة أخرى: السيسي و رجاله المقربون يعلمون بالتفصيل ما جرى و يحاولون إخفائه لإيطاليا و للعالم بأسره. آخر محاولة لتشويه ذكرى جوليو وصلت يوم 29 أبريل من طرف وكيل مجلس النواب، سليمان وهدان، الذي اتهم الطالب بالتجسس موضحا أنه لو ثبت ذالك قد تكون مشكلة كبيرة بين مصر و إيطاليا. ما هي إلا محاولة لقلب المسؤوليات ضد إيطاليا. مع العلم بأنه الآن في مصر تشتغل العديد من الشركات الإيطالية الكبرى و البلدين يتقاسمان مصالح اقتصادية و سياسية تتعلق بالشرق الأوسط

لماذا ريجينيلكس

موت جوليو ريجيني تحول إلى قضية دولية: مزق الستار عن نظام السيسي و عن العمل الشنيع الذي يقومون به اتباعه من رجال الأمن ضد المعارضين و ضد كل من وجد أمام ضابط شرطة. الآن العالم بأسره تمكن من رؤية و لمس حقيقة الاختفاء القسري و التعذيب في مصر و انتظام الطريقة كما كان في أرجنتين الجنرال فيديلا بين 1976 و 1981. أكثر من 600 طفل مسجون الآن في مصر خارج النطاق القانوني. بين فبراير و مارس أكثر من 250 مواطن خرج من بيته و لم يعود له لأنه اختطف. إنها هاوية العنف و الشناعة التي ترعب البلد. إنهم ألاف ريجيني الذين لا يتكلم عنهم أحد

ريجينيلكس أسست في أمل المساهمة في تسليط الضوء على موت ريجيني، و أيضا على تلك الهاوية المرعبة التي وقع فيها البلد. اليوم لا يمكن مطالبة العدالة للباحث الإيطالي تمويها بعدم رؤية آلاف ريجيني بدون إسم. المنصة، التي توفر إمكانية ارسال، بطريقة محمية و بدون الكشف عن الهوية، إبلاغات، وثائق، فيديوهات و صور، تعتمد على نظام تشفير صنع بالتعاون مع جلوباللكس. باتباع التعليمات، بالعربية و الايطالية و الإنجليزية، المصادر تحصل على أمن عدم كشف الهوية. حتى نحن لا يمكننا معرفة من المرسل إن لم يريد ذالك. بالطبع كل الوثائق والإبلاغات التي سيتم الحصول عليها بواسطة المنصة سوف تخضع للمراقبة. سوف يتم نشر على ايسبريسو فقط المعلومات الثابتة و المدعومة بأدلة موضوعية

وزير الخارجية، باولو جينتيلوني، قال أمام البرلمان: "أي شخص يعتقد أننا سنتوقف عن المطالبة بحقيقة مقتل ريجيني مع مرور الوقت فهو واهم. عودة الأمور إلى طبيعيتها فى العلاقات مع مصر يمكن أن تسير إلى الحل فى حالة اعتمد ذلك على تعاون جدي". فكيف يمكن وجود طبيعة و علاقات مع دولة تعذب مواطنيها؟