Saturday, March 24, 2012

الجثمان و العرش؟!.. استفهامات













الجثمان و العرش؟!.. استفهامات


تصاعدت التساؤلات عن الأسباب التي دفعت الدافعين إلى إتمام المشهد غير المألوف من جلوس الجثمان البابوي على الكرسي البطريركي..
تساؤلات فضولية..
و أخرى استنكارية..
و هي تساؤلات مستندة على منطق..
بل على مناطق..
حسناً.. ما هي الأسباب التي وراء هذا المشهد.
الأكثر لياقة أن يتم تعديل صياغة السؤال إلى:
ما هي الأهداف..
عموما.. أسباب أو أهداف.. المهم.. دعنا ندخل إلى العمق..
منظر الجثمان لميت بلا حياة على العرش البطريركي يحمل و بوضوح اهداف محددة و صريحة..
رسالة إلى البطريرك القادم..
وداع الأبناء الروحيين..
تذكِرة لكل الإنسانية..
البطريرك القادم الذي سيجلس على ذات العرش وسط الأفراح و دقات الأجراس البهيجة و كل المظاهر الاحتفالية و رحلة الخدمة و السُلطة و إيقاد مجامر الكهنة لشخصه و اقتراب المنافقين و تذميم الباغضين و الرحلة البابوية.. و كل ما فيها..
كل ذلك نهايته إلى أن جثتك ستجلس فوق ذات العرش بلا قدرة..
البطريرك القادم صاحب سلطان الحِل و الربط..  الإقامة و العزل.. الفتح و الغلق.. هُو   هُو   من سيجلس بهيئته البطريركية جثة بلا روح و يقوده آخرون دون أدنى تدخل أو استئذان منه..
هذه الرسالة إلى البطريرك القادم..
و  هدف ثانٍ هو  وداع للأبناء الروحيين..
يفتخر الشرقيون بعاطفتهم..
كم من ابن فُجع في وفاة أبيه بأنه تأخر عن وداعه لظروف الحياة..
و كم من ابنة تندم يوميا أنها لم تستطع إلقاء النظرة الأخيرة على والدتها..
من يصف الثكلى التي لم ترَ جثمان ابنها الذي قُتل في الحرب أو لقي مصرعه في حادث..
الجثمان فوق العرش هو فرصة للأبناء أن يقدموا وداعاً جياشا و دسماً لأبيهم..
و سيدهم..
و الميت فوق الكرسي هو تذكِرة للإنسانية جمعاء..
إن هذه هي النهاية..
حسناً.. هذه هي الأهداف..
و كل ما سبق هو أولاً..
فقط أولاً..
و ثانياً.. أو أخيراً..
إكرام الميت.. دفنه..
 الميت حين يموت فان الواجب الإنساني و الآدمي هو الدفن العاجل..
هذا هو المنطق..
و هذه هي القاعدة..
و كما نعلم.. فان لكل قاعدة.. استثناء..
ما حدث مع الجثمان البابوي واقعتان و ليست واقعة واحدة..
تأجيل الدفن.. و إعلان الجثمان على العرش..
تأجيل الدفن لا يحدث إلا مع صانعي التاريخ..
ذلك حتى يتم إعطاء الوقت الكافي لإعداد الترتيبات و الإجراءات اللائقة بالجنازة التي تتناسب مع الدور الاجتماعي الذي قامت به هذه الجثة حينما كانت فيها نسمة الحياة..
سؤال.. و الواقعة الثانية.. يمكن قبول منطق تأجيل الدفن.. على أن يكون الجثمان في صندوق محترم..
لماذا إذن إعلان الجثمان على العرش.. و إعلائه عليه..
و الجواب..
الموت له هيبته..
حرمته..
قدسيته..
هو الطائر النهم الذي يسطو و لا يمنعه أحد..
هو المخيف و الغامض و القائد إلى مجهول..
و هنا الاستثناء..
جلوس الجثة على العرش هو إيقاف للموت عند حدوده..
أيها الموت الذي يأخذ الروح و يجعل الجسد بلا قيمة و يتعجل العامة و السواد دفن الجسد هيبة و احتراما..
نقول لك أن هذه الجثة لم تفقد تأثيرها الحياتي و الاجتماعي..
بل إن هذه الجثة مازال لها رسالة هامة كا ذكرنا..
بالإضافة إلى أن الروح لم تنازع في الخروج و لم تقبض عليها قبضا..
إن الوفاة طبيعية هادئة بلا ملامح تقلصات أو تشنجات..
إن الجثة لا تخجل منك و لا تهابك.. بل عليك أنت أيها الموت أن تتراجع عن سلطانك.. لتمارسه على العامة من الناس فقط..
إكرام الميت دفنه قاعدة..
و الاستثناء أن يتم إكرامه بجلوسه على العرش..
و قداسة البابا شنودة الثالث.. استثناء بشري..
وداعاً.. مثلث الرحمات..